الموافقات (صفحة 1378)

وَالثَّالِثُ:

مَا لَا يَقْتَضِي تَأْكِيدًا وَلَا رَبْطًا، وَلَكِنَّهُ لَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ عَيْنًا؛ فَيَصِحُّ فِي الْعَادَاتِ دُونَ الْعِبَادَاتِ1، أَمَّا عَدَمُ صِحَّتِهِ فِي الْعِبَادَاتِ؛ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا صِحَّتُهُ فِي الْعَادَاتِ؛ فَلِجَوَازِ حُصُولِ الرَّبْطِ وَالْوُثُوقِ بَعْدَ التَّسَبُّبِ، وَيُحْتَمَلُ الْخِلَافُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إِذَا كَانَ لَا يَقْتَضِي تَأْكِيدَ الْمَقْصِدِ الْأَصْلِيِّ، وَقَصْدُ الشَّارِعِ التَّأْكِيدُ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ التَّسَبُّبُ مُوَافِقًا لِمَقْصِدِ الشَّارِعِ؛ فَلَا يَصِحُّ، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ، إِذْ لَمْ يَقْصِدِ انْحِتَامَ رَفْعِ مَا قَصَدَ الشَّارِعُ وَضْعَهُ، وَإِنَّمَا قَصَدَ فِي التَّسَبُّبِ أَمْرًا يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ مَعَهُ مَقْصُودُ الشَّارِعِ، وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّارِعَ أَيْضًا مِمَّا يَقْصِدُ رَفْعَ التَّسَبُّبِ؛ فَلِذَلِكَ شَرَعَ فِي النِّكَاحِ الطَّلَاقَ، وَفِي الْبَيْعِ الْإِقَالَةَ، وَفِي الْقِصَاصِ الْعَفْوَ، وَأَبَاحَ الْعَزْلَ2، وَإِنْ ظَهَرَ لِبَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مُضَادَّةٌ لِقَصْدِ الشَّارِعِ3 لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهَا غَيْرَ مُخَالِفٍ لَهُ عينًا، ومثله4

طور بواسطة نورين ميديا © 2015