ونحو هذا قول البحتري:
مكرمة الأسباب فيها وسائل ... إلى غير ما يحبى بها وذرائع
تنال منال الليل في كل وجهة ... وتبقى كما تبقى النجوم الطوالع
وقوله: «تنال منال الليل في كل وجهة» أي في سيرها الآفاق، وهذا لا شيء أبلغ منه ولا ألطف، وأظنه أخطر بباله قول النابغة:
فإنك كالليل الذي هو مدركي
وقال في نحوه:
بلغن الأرض لم يلغبن فيها ... وبعض الشعر يدركه اللغوب
وقال في نحوه:
تبيت أمام الريح منها طليعة ... وغدوتها شهر وروحتها شهر
وقال أبو تمام:
وسيارة في الأرض ليس بنازح ... على وخدها حزن سحيق ولا سهب
تذر ذرور الشمس في كل بلدة ... وتمضي جموحاً ما يرد لها غرب
قوله: «تذر ذرور الشمس» أحسن من كل ما مضى وأجود وألطف.