الممدوح انضاف إلى مال له تالد، وهذا يوجب ألا يكون معروف الممدوح وقع منه موقع حاجة كوقوع الشراب الذي بل غليله، ولأن يكون استهل على بلاده ومحله أولى، وليس هو أيضاً بالجيد ولا الحلو.
وقال البحتري -وكتب بها إلى أحمد بن محمد بن شجاع يستهديه نبيذاً في آخر ليلة من شعبان-:
لك الخير ما مقدار عفوي وما جهدي ... وآل حميد عند آخرهم عندي
تتابعت الطاءان طوس وطيء ... فقل في خراسان وإن شئت في نجد
أتوني بلا وعد وإن لم تجد لهم ... براحهم راحوا جميعاً على وعد
ولم أر خلاً كالنبيذ إذا جفا ... جفاك له خلانه وذوو الود
ومما دهى الفتيان أنهم غدوا ... بآخر شعبان على أول الورد
غداً يحرم الماء القراح وتنتوي ... وجوه من اللذات مشجية الفقد
أعنا على يوم يشيع لهونا ... إلى ليلة فيها له أجل مرد
ولست أعد كم ليلة لك سامحت ... يدي ومجد منك شيد لي مجدي
وما النعمة البيضاء في شركة الغنى ... بل النعمة البيضاء في شركة الحمد
وهذا من جيد الشعر وحلو المعاني.
قوله: «عند آخرهم عندي» أي: عن آخرهم، «وتنتوي وجوه»: هو من النية والنوى، أي: تبعد.