ذهب إلى ذلك الإمام الشافعي، وأحمد في رواية عنه، وبعض
الحنابلة، واختاره أبو إسحاق الإسفراييني، وأبو منصور البغدادي،
والقلانسي، والحارث المحاسبي.
أدلة هذا المذهب:
استدل أصحاب هذا المذهب على جواز نسخ القرآن بالسُّنَّة
المتواترة عقلاً بالأدلة الثلاثة الأولى التي استدل بها أصحاب المذهب
الأول.
واستدل أصحاب هذا المذهب على عدم جواز نسخ القرآن بالسُّنَّة
المتواتر شرعا بما يلي:
الدليل الأول: قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) .
وجه الدلالة: أن اللَّه جعل البدل خيراً من المنسوخ أؤ مثلاً له،
والسُّنَّة ليست خيراً من القرآن ولا مساوية له في الخيرية، فلا تكون
بدلاً عن الكتاب ولا ناسخة له.
وكذلك: أخبر اللَّه تعالى أن ما ينسخه من الآيات يأت بخير منه،
وذلك يفيد أنه يأت بما هو من جنسه، فكان الناسخ للقرآن هو القرآن
لا السُّنَّة.
جوابه:
يجاب عنه: بأن المراد بالخيرية والمثلية الواردة في الآية: الخيرية
والمثلية في الحكم لا في اللفظ، ولا شك أن الخكم الثابت بالسُّنَّة قد
يكون أنفع للمكلف من الحكم المنسوخ.
ثم اعلم بأن السُّنَّة كالقرآن ولا فرق بينهما، حيث إن كلًّا منهما