والناسخ بيان للمنسوخ، فلو كان القرآن ناسخا للسُّنَّة لكان القرآن

بياناً للسُّنَّة، وسيأتي أن السُّنَّة بيان للقرآن، فيلزم من ذلك أن كل

واحد منهما بيان للآخر، وهذا دور، والدوبى باطل، فامتنع أن

يكون القرآن ناسخاً للسُّنَّة.

جوابه:

يجاب عنه: بأن الشارع لما جعل السُّنَّة بياناً للقرآن نبَّه بذلك على

أن القرآن أَوْلى أن يكون بيانا للسُّنَّة؛ لأنه أعلى منها، أي: إذا جاز

أن يبين الأعلى بالأدنى، فجواز تبيين الأدنى بالأعلى أوْلى.

الدليل الثاني: قالوا: إنه لو نسخت السُّنَّة بالقرآن للزم تنفير

الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن طاعته؛ لإيهامهم أن اللَّه - تعالى - لم يرض السُّنَّة التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك مناقض لمقصود البعثة، ولقوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) .

جوابه:

يجاب عنه بجوابين:

الجواب الأول: أنه لو امتنع نسخ السُّنَّة بالقرآن للإيهام أن اللَّه لم

يرض عن تلك السُّنَّة، وهذا يؤدي إلى تنفير الناس عن طاعة

الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما زعمتم: لامتنع نسخ القرآن بالقرآن، والسُّنَّة بالسُّنَّة، وهو خلاف " الإجماع، حيث إنه قد اتفق على جواز نسخ

القرآن بالقرآن، والسُّنَّة بالسُّنّة - كما سبق ذكره -.

الجواب الثاني: أن ما قلتموه في دليلكم إنما يصح أن لو كانت

السئُنَّة من عند رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - من تلقاء نفسه، وليس كذلك، بل إنما السُّنَّة وحي قال تعالى في ذلك: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015