اعتراض على هذا الدليل:
قال المعترض: لعل هذه الأحكام كانت ثابتة بقرآن نسخ تلاوته،
وبقى حكمه، فيكون نسخ القرآن بالقرآن، أو لعل تلك الأحكام قد
ثبتت بالسُّنَّة، ونسخت بالسُّنَّة، فيكون من قبيل نسخ السُّنَّة بالسُّنَّة
وهذا متفق عليه.
جوابه:
يجاب عنه: بأنا لا نُسَلِّمُ لكم ذلك؛ لأمرين:
أولهما: أنه لا دليل عند المعترض على أن تلك الصور من باب
نسخ القرآن بالقرآن، أو من باب نسخ السُّنَّة بالسُّنَّة، ونحن قد
تمسكنا بالأصل، وهو عدم الدليل على ذلك - بعد البحث التام -.
ثانيهما: أنه لو قبل مثل هذه الاحتمالات لاقتضى أن لا يتعين
ناسخ ولا منسوخ؛ حيث إنه سيقال في كل ناسخ: إنه ليس بناسخ
بل غيره، ويقال في كل منسوخ: إنه ليس بمنسوخ بل غيره، وهذا
خلاف الإجماع، بل لما ثبت ناسخ علم تأخره عن منسوخ إلا إذا
قيل: " هذا ناسخ وذلك منسوخ "، وهو خلاف ما قاله العلماء.
المذهب الثاني: أنه لا يجوز نسخ السُّنَّة بالقرآن.
نسب هذا إلى الإمام الشافعي - رحمه اللَّه -.
أدلة هذا المذهب:
استدل أصحاب. هذا المذهب بما يلي:
الدليل الأول: قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) .
وجه الاستدلال: أن الآية دلَّت على أن السُّنَّة بيان للقرآن،