الزاني البكر كان هو الحد الكامل، ويجوز الاختصار عليه؛ لقوله

تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) ،

فلما جاءت السُّنَّة بزيادة التغريب، وذلك بحديث عبادة بن الصامت:

" البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ": رفعت هذه الزيادة ذلك

الحكم، وهو: " صفة الكمال والاقتصار على جلد مائة "، وأصبح

الحد بعد الزيادة: " الجلد والتغريب "، فتكون صفة الكمال قد

رفعت، والاقتصار على الجلد قد رفع، والرفع هو النسخ.

جوابه:

إن رفع صفة الكمال بالزيادة، ورفع الاقتصار على المائة لم

يتحقق به النسخ، بيان ذلك:

أن صفة الكمال إذا ارتفعت بالزيادة لا يتحقق النسخ؛ لأن صفة

الكمال لا يندرج ضمن أقسام الأحكام الشرعي، فليس مقصوداً،

بل المقصود هو وجوب الحد - الذي هو مائة جلدة - والوجوب لم

يرتفع، بل هو باق على حاله، وهو كل الواجب، فلما زيد

"التغريب " لم يتغير، بل هناك واجب قد أضيف إليه.

يؤيد ذلك: أن الشارع لما أوجب الصلاة فقط كانت هي كل

الواجب على المكلف، فلما أوجب الصوم بعد ذلك: خرجت

الصلاة عن كونها هي كل الواجب، بل صار الواجب الصلاة

والصوم، وليس ذلك بنسخ باتفاق العلماء.

فكذلك هنا يقال: إن جلد مائة هو الواجب الكامل على الزاني

البكر، فلما زيد " التغريب ": خرج " جلد مائة " عن كونه هو كل

الواجب، بل صار الواجب: الجلد والتغريب، فلا يسمى ذلك

نسخاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015