ويؤيد ذلك أيضاً قوله تعالى: (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) استسلاما لفعل

الذبح، لا للعزم.

الاعتراض الثالث: أن إبراهيم لم يؤمر بنفس الذبح وحقيقته،

وإنما أمر بمقدمات الذبح من إخراجه إلى الصحراء، وأخذ المدية،

والحبل، والاضطجاع، والتل للجبين، ونحو ذلك من لوازم

الذبح، دون الذبح نفسه.

وسمينا مقدمات الذبح ذبحاً؛ لأن مقدمة الشيء قد تسمى باسم

ذلك الشيء، فتسمى " النائحة " باكية؛ لأنها تفعل مقدمات البكاء،

وكذلك يُسمى المريض الذي يخاف عليه الهلاك: ميتا، وذلك

لحصول مقدمات الموت.

جوابه:

يجاب عنه بأن هذا فاسد؛ لوجوه:

الوجه الأول: أن الله تعالى قال - حكاية عن ولد إبراهيم -:

(ستجدني إن شاء الله من الصابرين) ، ومعلوم أن مقدمات الذبح لا

تفتقر إلى الصبر؛ لأنه أمر سهل يتلاعب به الصبيان.

الوجه الثاني: أن اللَّه تعالى قال: (إن هذا لهو البلاء المبين) ،

فلو كان المأمور به مقدمات الذبح فقط: لما كان فيه بلاء واختبار

مبين، فلا يعطى هذا التفخيم، والمأمور به سهل، وهو مقدمات

الذبح.

الوجه الثالث: أن اللَّه سبحانه أمر بالذبح نفسه، فقال تعالى:

(يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك) ، ولم يرد ذكر المقدمات،

والمقدمات لا تسمى ذبحاً في لغة العرب؛ لأن الذبح لغة هو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015