وقوع الأمر بالذبح، أو بمقدمات الذبح من إخراجه إلى الصحراء،

وأخذ المدية، والحبل، والتل للجبين، ونظرا لاستشعار إبراهيم أنه

مأمور بالذبح قال تعالى: (قد صدقت الرؤيا) .

جوابه:

يجاب عنه بأن هذا فاسد لوجوه:

الوجه الأول: أن إبراهيم لو كان مأموراً بالعزم على الذبح فقط،

دون فعل الذبح نفسه: لما سماه بلاء مبيناً، ولما احتاج إلى الفداء،

ولما قال الذبيح: (ستجدني إن شاء الله من الصابرين) ، يؤيد ذلك

قوله تعالى: (قد صدقت الرؤيا) ، أي: إنك عملت في

المقدمات عمل مصدق لرؤيا فعلية.

الوجه الثاني: أن حمل الأمر على العزم على خلاف قوله تعالى:

(إني أرى في المنام أني أذبحك) فصرح - هنا - بالذبح،

ومعروف أن العزم لا يسمى ذبحا، فهذا فيه حمل شيء على غير

محمله.

الوجه الثالث: أن العزم على الفعل لا يجب إذا لم يُعتقد وجوب

المعزوم عليه، فلو لم يكن المعزوم عليه - وهو الذبح - واجباً:

لكان إبراهيم - عليه السلام - أَوْلى بمعرفة عدم الوجوب من ذلك

المعترض، أي: أنه لو لم يجب على إبراهيم الفعل - وهو الذبح

حقيقة - لم يصح منه العزم على فعله على سبيل الوجوب.

قال تعالى مؤيداً لذلك: (إني أرى في المنام أني أذبحك) ،

فقال تعالى - حكاية عن ابنه -: (افعل ما تؤمر) يعني الذبح الحقيقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015