أو بعد أن مضى من الوقت قدر ما تقع فيه بعصها، فإن هذا قد اتفق
العلماء على جواز النسخ؛ لأن شرط الأمر حاصل وهو: التمكن
من الفعل.
أما إن ورد الأمر بفعل الشيء قبل وقته، ثم نسخ قبل دخول
الوقت، أو بعده، ولكن قبل التمكن من فعل ذلك الأمر، فإن
هذا هو المختلف فيه؛ حيث اختلف العلماء في نسخ الأمر بفعل
شيء قبل التمكن من امتثاله على مذهبين:
المذهب الأول: يجوز نسخ الأمر قبل التمكن من فعله، فيجوز
أن يقول الشارع - مثلاً - في رمضان: " حجوا في هذه السنة "،
ثم يقول قبل ابتداء الحج: " لا تحجوا ".
ذهب إلى ذلك جمهور العلماء.
وهو الحق عندي؛ لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: أن النسخ قبل التمكن من الفعل رفع لتكليف قد
ثبت على المكلََّف، فكان نسخا، ولا يترتب على ذلك محال ولا
بَداء، فيجوز أن يأمر اللَّه - تعالى - زيداً بفعل في يوم الأحد -
مثلاً -، ويمنعه منه بمانع عائق له قبل يوم الأحد، فيكون زيد مأموراً
بالفعل في الغد بشرط انتفاء المانع، وإذا جاز الأمر بشرط انتفاء
المانع: جاز الأمر بالفعل بشرط انتفاء الناسخ ولا فرق.
الدليل الثاني: أنه لو قال تعالى: " واصلوا الفعل سنة "، ثم
نسخه بعد مضي شهر: جاز ذلك، وإن كان ذلك نسخا قبل وقت
الفعل في بقية السنة.
اعتراض على ذلك:
قال معترض على هذا الدليل: إن نسخه يدل على أنه لم يرد