يوهم أن الحكم باق؛ نظراً لبقاء دليله وهي الآية - وفي ذلك إيقاع
المكلَّف في الجهل والحيرة، وهو قبيح من الشارع، والشارع منزه
عن ذلك: فامتنع لذلك بقاء لفظ الآية، ونسخ الحكم الذي أفاده.
جوابه:
يجاب عنه: بأن هذا الكلام مبني على قاعدة " التحسين والتقبيح
العقليين "، ونحن لا نقول بها.
وعلى فرض أن ذلك الكلام غير مبني على تلك القاعدة فإنا نقول
- في الجواب عنه -: إن الآية إنما تكون دليلاً إذا لم يرفع حكمها،
فيقال: إن تلك الآية دئَت على ذلك الحكم المعمول به، أما إذا رفع
وأزيل حكم تلك الآية فإنها لا تبقى دليلاً على شيء.
أي: أن الآية إنما تدل على الحكم بشرط: عدم نسخ حكمها،
وإذا انتفى هذا الشرط، ونسخ حكمها فلا تسمى دليلاً؛ لأن الدليل
هو: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري، والآية
المنسوخ حكمها لا يتوصل بها إلى شيء، إذن لا تسمى دليلاً فيبطل
ما ذكرتم.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف لفظي لا ثمرة له في الفروع الفقهية؛ لأن عمل المكلَّف
لم يختلف باختلاف تلك المذاهب.
المسألة الثالثة عشرة: هل يجوز نسخ الشيء قبل التمكن من
فعله وامتثاله؟
إذا ورد الناسخ بعد أن مضى من الوقت قدر ما تقع فيه العبادة،