اليهود في كتب أصول الفقه لا يليق؛ لأن الكلام في أصول الفقه
فيما هو مقرر في الإسلام، وفي اختلاف فرق الإسلام مما يؤثر
خلافهم في عمل المكلف، أما أقوال الكفار فلا يعتد بها في
الإسلام، وموضع حكاية خلاف الكفار، وشبههم والرد عليها هو
أصول الدين.
***
المسألة التاسعة: حكمة النسخ:
عندنا نوعان من النسخ هما:
أولهما: نسخ الإسلام لما سبقه من الأديان.
ثانيهما: نسخ بعض الأحكام ببعض في الإسلام.
أما الأول - وهو: نسخ الإسلام لجميع الشرائع السابقة - فله
حِكَمٌ ومنها:
الحكمة الأولى: أن الأعمال البدنية إذا واظب عليها الخلف عن
السلف صارت كالعادة عند الخلق، وظنوا أن أعيانها مطلوبة لذاتها،
ومنعهم ذلك الظن من الوصول إلى المقصود، وهو معرفة الله
وتمجيده، فإذا غيرت تلك الأعمال إلى أعمال أخرى، وتبين أن
المقصود من تلك الأعمال رعاية أحوال القلب، والأرواح في المعرفة
والمحبة: انقطعت تلك الظنون والأوهام عن الاشتغال بالصور
والظواهر إلى علام السرائر.
الحكمة الثانية: أن الخلق طبعوا على الملالة من الاستمرار على
نوع من أنواع العبادة، فوضع في كل عصر شريعة جديدة لينشطوا
في أدائها.