لكن الجمهور يسمونه نسخا، وأبا مسلم يسميه تخصيصا،

فكل منسوخ عنده فيها مغيًّا عنده في علم اللَّه تعالى إلى ورود ناسخه

كالمغيا في اللفظ، فنشأ من هذا تسمية النسخ تخصيصا، والغاية من

المخصصات المعروفة، إذن الخلاف في العبارة والاصطلاح، فيكون

الخلاف لفظياً.

أما على قول من قال: " إن النسخ باطل عنده، وهو ينكره

حقيقة "، أو من قال: " إنه ينكره في شريعة واحدة "، أو من

قال: " ينكره في القرآن خاصة "، فالخلاف يكون معنوياً، إذ يترتب

عليه آثار كثيرة، حيث يلزم منه إنكار كثير من الآيات الناسخة.

تنبيه: بعض الأصوليين ذكروا أن من المنكرين للنسخ بعض فرق

من اليهود، وهي ثلاث فرق هي كما يلي:

الشمعونية - نسبة إلى شمعون بن يعقوب - ينكرون النسخ عقلاً

وشرعاً.

العنانية - نسبة إلى عنان بن داود - ينكرون النسخ سمعا، وجوازه

عقلاً.

العيسوية - نسبة إلى أبي عيسى: إسحاق بن يعقوب الأصفهاني -

يجوزونه عقلاً، وسمعاً، ولكن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - عندهم ليست ناسخة لشريعة موسى عليه السلام.

هذه الفرق الثلاثة لهم أدلة على ما ذهبوا إليه، ولقد ذكرت ذلك

بالتفصيل، والأجوبة عن كل دليل من أدلتهم في كتابي: " إتحاف

ذوي البصائر بشرح روضة الناظر "، فارجع إليه إن شئت.

ولم أذكر ذلك هنا لأني توصلت أخيراً إلى أن حكاية خلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015