فيبحث الأصولي هذه الأمور وما تفيده، فبعد بحثه وتمحيصه يتوصل
إلى أن الأمر يفيد الفور أو التكرار، ويتوصل إلى أن النهي يفيد
التحريم، وأن العام يدل دلالة ظنية، وهكذا.
فهذه كلها وجوه الاستدلال بالكتاب، والدليل واحد، وهو نفس
الكتاب.
ْوالفقيه يأخذ الدليل الإجمالي، أو القاعدة الكلية التي توصل
إليها الأصولي، فيجعلها مقدمة كبرى، بعد أن يقدم لها بمقدمة
صغرى موضوعها جزئي من جزئيات تلك القاعدة، ودليل تفصيل
يعرفه الفقيه، كالأمر بالصلاة في قوله تعالى: (أقيموا الصلاة)
فيكون عندنا مقدمتان ونتيجة:
المقدمة الصغرى: الصلاة مأمور بها في قوله تعالى: (وأقيموا
الصلاة) ، وهذا دليل تفصيلي.
المقدمة الكبرى: وكل مأمور به - إذا تجرد عن القرائن - فهو
واجب، وهذه قاعدة أصولية، أو دليل كلي إجمالي.
فتكون النتيجة: الصلاة واجبة.
المذهب الثاني: أن موضوع علم أصول الفقه هو: الأدلة
والأحكام معاً، وذهب إلى ذلك بعض العلماء كصدر الشريعة،
وسعد الدين التفتازاني، وبعض العلماء.
وقالوا: إنه يبحث فيه عن العوارض الذاتية للأدلة الشرعية،
وهي: إثباتها للأحكام، وعن العوارض الذاتية للأحكام وهي:
ثبوتها بتلك الأدلة، وعلَّلوا قولهم هذا: بأنه لما كانت بعض مباحث
الأصول ناشئة عن الأدلة كالعموم والخصوص والاشتراك، وبعضها
ناشئاً عن الأحكام ككون الحكم متعلقاً بفعل هو عبادة أو معاملة،