وترك الدوام عليها؛ وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ترك الترخص في نصوص كثيرة منها: قوله:
" خذوا من العمل ما تطيقون، فإن اللَّه لن يمل حتى تملوا "،
ونهى رسول اللَّه عن صوم الوصال، وعن الصيام في السفر.
هذه أهم أدلة الفريقين.
بيان القول الحق:
والحق عندي - والله أعلم -: أنه لا تفضل الرخصة على
العزيمة، ولا العزيمة على الرخصة؛ وذلك لأن سبب الرخصة وهو
العذر - من مشقة، وحاجة، وضرورة - لا ضابط له معين واضح
جلي يتساوى فيه جميع المكلَّفين، فالعذر من مشقة وحاجة وضرورة
أمر إضافي نسبي، لا أصلي، فكل مكلف فقيه نفسه في الأخذ بها
ما لم يجد مانعا شرعيا يمنعه عن الأخذ بها، وهو داخل تحت قاعدة
" المشقة تجلب التيسير "، فالمشقة والكلفة التي يجدها المكلف عن
الإتيان بالحكم الشرعي الأصلي تكون سبباً شرعيا للتخفيف والتسهيل.
وهو أيضاً داخل في معنى قاعدة: " إذا ضاق الأمر اتسع "
قال ابن أبي هريرة: " وضعت الأشياء في الأصول على أنها إذا ضاقت
اتسعت، وإذا اتسعت ضاقت "، فالحركة القليلة في الصلاة لما
اضطر إليها المكلف ويجد مشقة في تركها قد سومح فيها، والحركة
الكثيرة فيها لما لم تكن به حاجة لم يسامح بها، وكذا قليل دم
البراغيث يسامح به، دون كثيره.
وقلنا: إن كل مكلَّف يعتبر فقيه نفسه، هذا من حيث الجملة؛ العذر من مشقة، أو ضرورة، أو حاجة تختلف بحسب الأزمان
والأعمال، وقوة العزائم وضعفها، وليس كل الناس في تحمل
المشاق على حد سواء، فمثلاً: لو أصاب " زيداً " من المكلَّفين