فالفقهاء يقولون: إنها لا توصف بالصحة؛ لأنها لم تسقط
القضاء؛ لأن المكلف لا يزال مطالبا بفعلها مرة ثانية.
والمتكلمون يقولون: إنها توصف بالصحة؛ نظراً لموافقتها لأمر
الشارع، وذلك لأن الشرع قد أمر المصلي أن يصلي بطهارة متيقنة،
أو مظنونة، وقد جعل ذلك على حسب حاله، لذا قالوا: إنها
توصف بالصحة نظراً لهذه الموافقة، وقالوا: أما إعادتها فقد جاء
من أمر آخر وهو: تبين الخطأ في الظن.
القول الثاني: أن الخلاف معنوي؛ حيث قال أصحاب هذا القول:
إن الخلاف قد ترتب عليه آثار في بعض المسائل الفقهية، ومنها:
1 - صلاة من ظن نفسه أنه متطهر ثم تبين بعد فراغه أنه لم يكن
متطهراً.
فعلى المذهب الأول وهو مذهب الفقهاء: الصلاة غير صحيحة؟
لكونها لم تسقط القضاء.
وعلى المذهب الثاني - وهو مذهب المتكلمين: فإن الصلاة
صحيحة؛ لأن المعتبر في الموافقة للأمر شرعا هو حصول الظن؟
حيث إنه هو الذي في وسع المكلَّف.
2 - صلاة فاقد الطهورين - الماء والتراب - إذا صلى على حسب
حاله غير صحيحة عند الفقهاء، وعليه إعادتها مرة ثانية إذا وجد ماء
أو ترابة على الأرجح، أما عند المتكلمين فصلاته صحيحة.
جوابه:
قلت: ما رتبه أصحاب القول الثاني من المسائل الفقهية للدلالة
على أن الخلاف معنوي غير مسلم؛ حيث إن الفقهاء والمتكلمين
اتفقوا على أن المصلي وهو قد ظن نفسه أنه متطهر، فبان أنه غير
متطهر يجب عليه القضاء.