الأمر، بل إنه وقع على مخالفته، حيث فعل فيه ما أفسده، وحينئذ
فانتفاء صحته، إنما هو لانتفاء موافقته للأمر، وأما كون المفسد له
مأموراً بإتمامه، فلا يلزم منه أن يكون امتثاله الأمر يوجب الصحة؛ الأمر بإتمامه طرأ على الأمر الأول؛ حفظاً لحرمة الوقت من
الهتك بعد انعقاد الإحرام، أو أنه عقوبة للمفسد له على إفساده بمنعه
من التخفيف عليه، ومعارضته له بنقيض قصده؛ قياساً على من وطأ
امرأته في نهار رمضان، فإنه مأمور بالإمساك بقية يومه مع وجوب
القضاء والكفارة.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف في هذه المسألة قد اختلف فيه على قولين:
القول الأول: إن الخلاف لفظي.
وهذا هو الصحيح عندي؛ حيث إنه بعد التحقيق والتدقيق قد
ثبت أنه لا يترتب على هذا الخلاف أي أثر، لأن أصحاب المذهبين
قد اتفقوا على الأحكام: فالمصلي الذي ظن نفسه أنه متطهر، ثم
تبين بعد فراغه أنه لم يكن متطهراً اتفقوا على أنه موافق لأمر الله
- تعالى - واتفقوا - أيضا - على أنه مثاب على فعله؛ لقصده امتثال
أمر اللَّه تعالى.
واتفقوا - أيضاً - على أنه لا يجب على المصلي القضاء إذا لم
يطلع على الحدث، واتفقوا على أنه يجب عليه القضاء إذا اطلع على
الحدث.
فالفقهاء والمتكلمون يقولون بوجوب إعادة الصلاة على من صلى
ظاناً أنه متطهر، فبان خلافه، ولكنهما، يختلفان في وصف هذه
الصلاة قبل إعادتها.