ثانيهما: أن الأدلة الجزئية داخلة تحت الأدلة الكلية، فالباحث عن
أحوال الأدلة الكلية يبحث عن الأدلة الجزئية بطريق التبع، وإذا
تعرض الأصولي لدليل جزئي فهو عن طريق ضرب المثال.
وقوله: " إجمالاً " قيد أخرج علم الخلاف؛ لأن المقصود منه
معرفة أدلة الفقه التفصيلية لا لأجل أن يستفيد منها الأحكام، بل
لتكون سلاحا يدافع به كل مناظر عن وجهة نظر إمامه، وهذا لا
يدخل في أصول الفقه.
وقولنا: " وكيفية الاستفادة منها " معطوف على " دلائل " أي:
معرفة الدلائل، ومعرفة كيفية الاستفادة من تلك الدلائل.
أي: أن الأصول جث فيه عن الأحوال التي تعترض للأدلة،
وكيف نستفيد الحكم من تلك، فلا بد في ذلك من معرفة التعارض
بين الأدلة، وكيفية فك هذا التعارض، والترجيح بينها، وذلك لأن
الغرض من البحث عن أحوال الأدلة إنما هو التوصل إلى استنباط
الأحكام الشرعية من الأدلة، ومعروف أن الأدلة المفيدة للأحكام
ظنية، فهي قابلة للتعارض.
وعند التعارض لا بد في استفادة الحكم من دليله من الترجيح بينه
وبين معارضه.
لذلك لا بد من معرفة متى تتعارض الأدلة، وإذا تعارضت فبأي
شيء يكون الترجيح؟
وكذلك لا بد أن يعرف أنه لا تعارض بين دليلين قطعيين، وبين
قاطع وظني، وإذا تعارضت الأدلة الظنية فهناك مرجحات كثيرة،
بعضها يرجع إلى راوي الخبر، وبعضها يرجع إلى نفس النص،
وبعضها يرجع إلى أمور أخرى، فلا بد أن يعرف ذلك كله.