ولذلك يرجح الخبر الذي رواته أكثر على من قلَّت رواته " لأن

احتمال الكذب والغلط على الأقل أقرب، ويرجح خبر صاحب

الواقعة على خبر غيره، فرجح العلماء خبر عائشة: " إذا التقى

الختانان وجب الغسل، فعلته أنا والرسول " على خبر ابن عباس:

"الماء من الماء "، ونحو ذلك، كما سيأتي تفصيله في الباب السابع.

وقولنا: " وحال المستفيد " معطوف على دلائل، فيكون التقدير:

" ومعرفة حال المستفيد "، والمستفيد هو طالب الحكم من الدليل،

وهو المجتهد، فيكون المراد بالمستفيد هو المجتهد.

والمقصود: أن من مواضع أصول الفقه هو البحث عن حال

المجتهد والشروط التي يجب أن تتوفر فيه.

وإنما كان البحث عن حال المجتهد من أصول الفقه، لأننا قلنا فيما

سبق: فائدة البحث عن أحوال الأدلة إنما هو لأجل أن يتوصل بها

إلى استنباط الأحكام من الأدلة، ومعروف أن الأدلة ظنية.

ومعروف أنه لا يوجد بين الدليل الظني ومدلوله ارتباط عقلي "

لأنه يجوز أن لا يدل الدليل عليه، فكان لا بد من رابط يربط بينهما

والرابط هو: الاجتهاد، فلذلك بحث في الأصول عن الاجتهاد،

وذكر فيه الشروط التي يجب توافرها في المجتهد.

وإذا علمت أن المراد بالمستفيد هو المجتهد، فإن المقلد لا يدخل هنا

فالمقلد وشروطه وبحثه ليس من علم الأصول، وإنما ذكر ذلك

استطراداً لذكر المجتهد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015