وليس المراد من معرفة الأدلة: حفظها؛ لأن حفظ الأدلة ليست

من الأصول في شيء.

والمقصود بالأدلة هنا: الأدلة المتفق عليها، والمختلف فيها،

والقواعد الكلية، ولو لم نحمل الأدلة على ذلك لخرج كثير من

مسائل أصول الفقه عن الحد كقاعدة: " العبرة بعموم اللفظ "،

و"الأمر المطلق يقتضي الوجوب "، ونحو ذلك.

ومن قال بأن القواعد الكلية لا تسمى أدلة: عرف أصول الفقه

بأنه: " القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من

الأدلة "، ولكن ما أثبتناه هو الأصح، كما سبق بيانه.

وأضفنا الأدلة إلى الفقه؛ لإخراج معرفة أدلة غير الفقه، كصرفه

أدلة التوحيد مثلاً، فإن ذلك ليس من الأصول.

وقولنا: " إجمالاً " هو حال من " دلائل "؛ لأن المراد هو:

المعرفة التفصيلية للأدلة الإجمالية؛ حيث إن الأدلة نوعان " كلية

وإجمالية "، و " جزئية ".

فمعرفة أن الإجماع حُجَّة، والقياس حُجَّة، والنهي يقتضي

التحريم تعتبر أدلة إجمالية؛ لأنها لا تدل على حكم معين.

أما الأدلة الجزئية: فهي التي تدل على حكم معين في حالة معينة

فقوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا) ، والإجماع على أن الخالة ترث،

وقياس الجد على ابن الابن، ولا نكاح إلا بولي، هذه كلها أحكام

جزئية؛ لأن كلًّا منها يستفاد منه حكم معين.

فالأصولي يبحت عن أحوال الأدلة الكلية، ولا يبحث فيه عن

الأدلة الجزئية؛ لأمرين:

أولهما: أن الأدلة الجزئية غير محصورة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015