الحكم بصحة العبادة وبطلانها، والحكم بصحة المعاملة وبطلانها لا
يفهم منه اقتضاء ولاتخيير.
فلم يبق إلا أن الصحة والفساد من الحكم الوضعي.
ثانيهما: أن الفعل إذا توفرت فيه جميع أركانه وشروطه، فإنه
يوصف عند الشارع بالصحة، وما يتبع ذلك من الآثار المترتبة عليه،
والفعل إذا لم يستوف أركانه وشروطه، فإنه يوصف بالفساد وعدم
ترتب آثاره عليه، وهذه المعاني تدخل في خطاب الوضع حقيقة؟
لأنها تكون بذلك من معاني السبب، والسبب حكم وضعي،
ووصف بعض الأصوليين كالغزالي في " المستصفى " السبب بالصحة
والفساد، فثبت بذلك: أن الصحة والفساد من أحكام الشرع
الوضعية، وهذا هو الذي جعلنا نبحث الصحة والفساد ضمن مسائل
السبب.
المذهب الثاني: أن الصحة والفساد من الأحكام التكليفية:
ذهب إلى ذلك فخر الدين الرازي وكثير من أتباعه، والبيضاوي.
دليل أصحاب هذا المذهب:
أن الصحة والفساد يرجعان - في الحقيقة - إلى خطاب التكليف،
ولا يخرجان عن مضمونه ومدلوله؛ حيث إن معنى صحة الشيء:
إباحة الانتفاع به، ومعنى الفساد: حرمة الانتفاع به والإباحة والحرمة
من الأحكام التكليفية.
جوابه:
يجاب عنه بأن إرجاع الصحة والفساد إلى الحكم التكليفي أمر فيه
عسر وتكلف لا يخفى، فهو لا يساعد عليه اللفظ، ولا ينتظمه
المعنى.