أما قولهم: إن الصحة هي إباحة الانتفاع فمنقوض - كما قال
الإسنوي في " نهاية السول " - بالمبيع إذا كان الخيار فيه للبائع، فإنه
صحيح، ولا يباح للمشتري الانتفاع به.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف في هذه المسألة لفظي؛ لأن كلًّا من أصحاب المذهبين أقر
بالصحة والفساد وبحثهما على أنهما من الأحكام الشرعية، لكن
أصحاب المذهب الأول جعلوهما داخلين ضمن الأحكام الوضعية،
وأصحاب المذهب الثاني جعلوهما داخلين ضمن الأحكام التكليفية،
وتابعين لتلك الأحكام، وهذا مجرد اختلاف في التعبير والمنهج فقط
ولا أثر له في الفروع.
خامسا: المقصود بالصحة في العبادات:
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن الصحة في العبادات هي: إسقاط القضاء.
أي: أن الصحة في العبادات: ما وافق الأمر، وأجزأ، وأسقط
القضاء.
فمعنى سقوط القضاء: عدم المطالبة بالفعل مرة ثانية؛ بناء على
المطلب الأول كالصلاة إذا وقعت بجميع واجباتها مع انتفاء موانعها،
فعدم وجوب قضائها هو: صحتها.
هذا ما ذهب إليه الفقهاء.
وهو الصحيح؛ لأنه موافق للغة؛ فإن الآنية إذا كانت صحيحة
من جميع الجهات، فإن العرب تسميها صحيحة، وإذا كانت
صحيحة من جميع الجهات إلا من جهة واحدة، فإن العرب