ومثال الظني: الغيم الذي إذا نظرنا إليه فإنه يوصلنا إلى وقوع
المطر.
اعتراض:
لم يسلم ذلك أبو الحسين البصري، وفخر الدين الرازي،
والآمدي، بل قالوا: إن الدليل لا يستعمل إلا فيما يؤدي إلى العلم
أما ما يؤدي إلى الظن فلا يسمى دليلاً، وإنما يسمى أمارة.
جوابه:
هذا غير صحيح؛ لأمور ثلاثة:
أولها: أن أهل اللغة لم يفرقوا في التسمية بين ما يؤدي إلى العلم
أو الظن، فلم يكن لهذا الفرق وجه.
تانيها: أن أهل الشريعة لم يفرقوا بينهما في الاعتقاد والعمل.
ثالثها:. أن الدليل هو المرشد إلى المطلوب، والدليل الظني
مرشد إلى المطلوب، فوجب أن يكون دليلاً كالموجب للعلم.
والمقصود من معرفة أدلة الفقه: معرفة الأدلة وأحوالها المتعلقة بها
مثل: أن يعرف أن الأمر يقتضي الوجوب عند الإطلاق، وأن
الإجماع يفيد القطع، أو الظن، وأن القياس يفيد الحكم الظني
وهكذا.
وليس المراد من معرفة الأدلة هو: تصورها كأن يعرف: أن
الكتاب هو: اللفظ المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - المتعبد بتلاوته، وأن السُّنَّة هي: ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن الإجماع هو: اتفاق مجتهدي أُمَّة محمد، فهذه كلها تصورات - فقط - وهي من مقاصد علم الأصول.