منه، فمثلاً: لو وطأ المحجور عليه أمته فإنها تصير أم ولد، كذلك
لو احتطب، أو اصطاد، أو قتل، أو سرق، أو نحو ذلك فإنه
يترتب على تلك الأسباب آثارها.
بخلاف ما لو أعتق عبده، وكذا لو اشترى، أو وهب، أو باع،
أو تصدق، ونحو ذلك من الأسباب القولية، فإنه لا يترتب عليها
أثر.
وتعليل ذلك: أن أقواله يمكن إلغاؤها - كما قال ابن القيم في
"بدائع الفوائد " -: فإنها مجرد كلام لا يترتب عليه شيء، وأما
الأفعال فإنها إذا وقعت فلا يمكن إلغاؤها؛ فلا يمكن أن يقال لمن
سرق، أو قتل، أو وطأ أمَته وولدت، أو أتلف: إنه لم يسرق،
ولم يقتل، ولم يستولد له ولد، ولم يتلف شيئاً، وقد وجدت منه
هذه الأفعال فأجرى ذلك مجرى المأذون له في صحة أفعاله.
التقسيم السادس: باعتبار اقتران السبب بالحكم وعدم ذلك:
السبب ينقسم بهذا الاعتبار إلى قسمين: " سبب متقدم على
الحكم "، و " سبب مقترن به ".
أما القسم الأول - وهو: السبب المتقدم على الحكم - فهو:
الأصل، وهو أكثر الأحكام مثل الأسباب الموجبة للصلوات،
والزكاة، والحج، والبيع، والنكاح.
أما القسم الثاني - وهو: السبب المقارن للحكم - فهو: يقع
كثيراً في الشريعة مثل: شرب الخمر، والزنا، والسرقة، وقطع
الطريق، ومثل: قتل الكافر في الحرب، فإنه سبب لاستحقاق سلبه
فوراً، ومثل إحياء الموات، فانه سبب فوري للملك وهكذا.