إن كانت دلالة الحديث على المعنى قطعية، فيفيد القطع، وهو

قليل، وإن كانت دلالة الحديث على المعنى ظنية، فلا يفيد إلا الظن.

وأما الكتاب، ففيه تفصيل:

إن كانت دلالة الآية على الحكم دلالة ظهية، فلا تفيد إلا الظن.

وإن كانت دلالة الآية على الحكم دلالة قطعية، فإنها تفيد القطع.

وما هو مقطوع الدلالة من الكتاب والسُّنَّة المتواترة، يكون من

ضروريات الدين.

أما الأدلة المختلف فيها كالمصالح، والاستصحاب، والعرف،

وسد الذرائع، وقول الصحابي، وشرَع من قبلنا، والاستحسان،

فإنها لا تفيد إلا الظن عند القائلين بها.

إذاً يكون غالب الأحكام الفقهية ثابتة عن طريق أدلة ظنية، فيكون

الفقه ظنياً على الغالب، وإذا كان الأمر كذلك فلا يصح أن يقال:

إن الفقه هو " العلم بالأحكام.. "، بل يقال: " إن الفقه: الظن

بالأحكام الشرعية.. "، فإيراد العلم مكان الظن يكون إيراداً لضد

الشيء مكانه في التعريف، فيكون التعريف باطلاً.

هذا هو اعتراض الباقلاني المشهور.

وبتفسيرنا " العلم " بأنه مطلق الإدراك، ومطلق الإدراك يشمل

القطع والظن، نسلم من هذا الاعتراض للباقلاني.

قولنا: " بالأحكام "، الباء متعلقة بمحذوف تقديره: " المتعلق"

ويكون الكلام بعد التقدير: " العلم المتعلق بالأحكام الشرعية ".

والمراد بتعلق العلم بالأحكام: التصديق بكيفية تعلقها بأفعال

المكلفين، كأن تعلم - مثلاً - أن الوجوب ثابت للصلاة، وأن الزنا

محرم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015