إن تقديم المباح على الحرمة تبع للأصل، وهو أن الأصل في الأشياء
الإباحة، فيكون الدليل لم يفد شيئا، بل أفاد نفس ما أفادته الإباحة
الأصلية، فيكون جاء للتأكيد، فيكون تقديم المفيد للتحريم أوْلى؛
نظراً لقاعدة تقديم التأسيس على التأكيد.
ثانيها: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
" ما اجتمع الحلال والحرام إلا وغلب الحرام الحلال ".
ثالثها: أن العمل بمقتضى الحرام أحوط؛ لأن ملابسة الحرام توقع
في الإثم، بخلاف ملابسة المباح فلا توجب ذلك.
الطريق السادس: ترجيح مثبت الطلاق والعتالتى على نافيهما.
إذا تعارض حديثان أحدهما نافي للطلالتى والعتاق، ومبقي لعصمة
الزوجية ولقيد العبودية، والثاني: موجب لتحقق الطلاق ورفع
العصمة، أو العتاق، ورفع العبودية، فإنا نرجح الثاني - وهو:
تحقق الطلاق والعتاق، ورفع العصمة وملك اليمين -؛ لأمرين:
أولهما: أن الأصل عدم القيد من العصمة والرق.
ثانيهما: أن المثبت عنده زيادة علم لا توجد عند النافي.
الطريق السابع: ترجيح الأشد على الأخف.
إذا تعارض دليلان: أحدهما: يفيد حكما أخف، والآخر يفيد
حكماً أشد وأشق: فقد اختلف العلماء في أيهما الرجح على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يرجح الخبر الأثقل الأشد.
وهو مذهب الجمهور، وهو الحق؛ للأدلة التالية:
الدليل الأول: أن زيادة شدته ومشقته وثقله تدل على تأكد
المقصود، وفضله على الأخف الأيسر، فالمحافظة عليه أوْلى.