الدليل الثاني: أن الأحكام الشرعية إنما شرعت لمصالح العباد،
ومصلحة العباد في الأشق والأثقل؛ لأنها أكثر أجرأ كما ورد عن
النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثوابك على قدر نصبك "،
وفي رواية: " إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك ".
المذهب الثاني: أنه يرجح الدليل الأخف على الأشد.
وهو مذهب تاج الدين الأرموي، وتلميذه البيضاوي.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن مبنى الشريعة على التخفيف؛ لقوله تعالى:
(الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا) .
جوابه:
لا نسلم ذلك، بل إن الشريعة مبنية على ما يقتضيه مصلحة
العباد، ودفع المفسدة عنهم، وهذا يكون في الأشد والأغلظ والأخف
والأيسر، ثم إن الآية نزلت في حالة خاصة - وهي التخفيف في
القتال - فلا يستدل بها على إثبات قاعدة عامة.
الدليل الثاني: أن التغليظ فيه ضرر، والضرر مزال عنا؛ لقوله
- صلى الله عليه وسلم -: " لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ".
جوابه:
لا نسلم أن التغليظ فيه ضرر، بل إن التغليظ إذا ورد فيه دليل
صحيح، فإن فيه مصلحة كما بينا فيما سبق.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي له ثمرة كما هو واضح.