المسألة الثالثة: في طرق الترجيح التي ترجع إلى متن الحديث.
المسألة الرابعة: في طرق الترجيح التي ترجع إلى الحكم.
المسألة الخامسة: في طرق الترجيح التي ترجع إلى أمر خارجي.
وإليك بيان كل مسألة بكل طرقها، وبيان المتفق عليه والمختلف فيه
منها، فأقول:
المسألة الأولى: طرق الترجيح التي ترجع إلى الرواة:
الطريق الأول: الترجيح بكون الراوي قريباً من الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
إذا تعارض خبران، وراوي أحدهما أقرب من رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وقت سماع الحديث، فإن حديثه يرجح على ما كان راويه أبعد منه؛ لأن الراوي القريب أوعى للحديث من البعيد، وأكثر سماعا له منه،
فيكون - أي: القريب - أبعد من احتمال الخطأ.
مثاله: التعارض الحاصل بين رواية ابن عمر، وأنس بن مالك في
حكاية تلبية الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فروى ابن عمر أنه نوى مفرداً - أي بالحج فقط -،
وروى أنس: أنه - صلى الله عليه وسلم - نوى قارناً، أي:
بالحج والعمرة معا.
فهنا ترجح رواية ابن عمر؛ وذلك لأنه أقرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث إنه ورد في آخر الحديث أن ابن عمر قال: " كنت آخذ بزمام ناقة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، يسيل علي لعابها ".
الطريق الثاني: الترجيح بكبر سن الراوي.
إذا تعارض خبران وراوي أحدهما أكبر من راوي الآخر، فإنه
يرجح الحديث الذي راويه اكبر سنا على الحديث الآخر؛ لأمور:
أولها: أن الغالب أن كبير السن يكون أقرب الناس مجلسا إلى