الترجيح بين الدليلين المنقولين يشمل الكتاب والسُّنَّة، لكن
العلماء تكلموا في ذلك عن السُّنَّة فقط، دون الكتاب، والسبب
في ذلك: أن القرآن قد وصل إلينا وهو متكامل لا زيادة فيه ولا
نقصان لا يشك في ذلك أيُّ مسلم، ونظراً لكونه متواتراً في السند
والمتن، فإنه لا تعارض بين آية وأخرى، فلا ترجيح فيه لآية على
أخرى للقطع بأن كله من عند اللَّه، وإن وجد تعارض بين آيتين في
الدلالة، فإنه تعارض يستطيع أي طالب علم أن يفك هذا التعارض.
وأما السُّنَّة - وإن كانت مثل القرآن في وجوب الاتباع والعمل
بمدلولاتها - فنظراً لكونها غير مقطوع بها من حيث السند والمتن فإنه
يوجد تعارض فيها بين حديث وحديث آخر، وبالتالي لا بد من
الترجيح بينهما، وطرق الترجيح.
فالعلماء تكلموا عن طرق الترجيح في السُّنَّة لكون التعارض فيها
يقع كثيراً وغالباً؛ بخلاف القرآن الكريم.
وطرق الترجيح بين الأحاديث والأخبار تتنوع بحسب ما ترجع
إليه، ولهذا جعلت الكلام عنها في المسائل التالية:
المسألة الأولى: في طرق الترجيح التي ترجع إلى الرواة.
المسألة الثانية: في طرق الترجيح التي ترجع إلى قوة السند وضعفه.