الدليل الرابع: أن مخالفة الدليل خلاف الأصل؛ لأن الأصل في

الدليل الإعمال، واستنباط الأحكام منه، فكثرة المخالفة أكثر

مخالفة من قلتها، فإذا وجد في جانب دليلان، ووجد في جانب

آخر دليل واحد: كان ترك العمل بالأول أكثر مخالفة ومحذوراً من

الثاني، فيؤخذ بالأقل محذوراً، والأخف ضرراً.

المذهب الثاني: أنه لا يجوز الترجيح بكثرة الأدلة، بل يشترط أن

يكون المرجح به وصفاً للدليل المرجح، لا دليلاً مستقلا.

وهو مذهب الحنفية.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: قياس الأدلة على الشهادات، بيان ذلك:

أنه لا ترجح الشهادة بكثرة العدد؛ حيث إن شهادة شاهدين

وشهادة أربعة سواء، فإذا كان الأمر كذلك في الشهادة، فكذلك

يمنع الترجيح بكثرة الأدلة.

جوابه:

يجاب عنه بجوابين:

الجواب الأول: أن الحكم في الأصل المقاس عليه وهو: " عدم

الترجيح في الشهادة بكثرة العدد " مختلف فيه؛ حيث إن بعض

العلماء أثبتوا الترجيح في الشهادة بكثرة العدد، ومنهم الإمام مالك،

ولا قياس على أصل حكمه مختلف فيه.

الجواب الثاني: سلمنا الحكم في الأصل وهو: " أنه لا ترجح

الشهادة بكثرة العدد "، فإن هذا القياس فاسد؛ لأنه قياس مع

الفارق، ووجه الفرق: أن الشارع منع الترجيح في الشهادة بكثرة

العدد ومقصوده سد باب الخصومات، حيث إنه يترتب على ذلك أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015