يقول الخصم: أنا آتي بعدد أكثر من عدده، فيقول الآخر: وأنا
أفعل كذلك، فلا تنتهي الخصومة.
بخلاف الترجيح بكثرة الأدلة، فلا يكون فيه ذلك.
الدليل الثاني: أنه لو جاز الترجيح بكثرة الأدلة، للزم من ذلك
تقديم القياس على خبر الواحد عند تعارضهما، وهذا ليس
بصحيح، إذ لو وجد مائة قياس، وعارضت تلك الأقيسة خبر واحد
كان ذلك الخبر راجحا، كما لو كان القياس راجحا، ولو كان
للكثرة أثر في قوة الظن لترجحت الأقيسة على الحديث الواحد.
جوابه:
إن اتحد أصل تلك الأقيسة المتعددة المعارضة للخبر: كانت كلها
في الحقيقة قياساً واحداً، وليست أقيسة متعددة، فإذا قدمنا الخبر
عليها فإنا نقدمه على قياس واحد لا غير.
وإن لم يتحد أصل تلك الأقيسة المتعددة فتكون مخالفة للقياس
المعارض للخبر في الأصل.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي؛ حيث إنه أثر في بعض الفروع الفقهية، ومنها:
إذا ادَّعى رجلان شيئاً وهو في يد أحدهما، وأقام كل منهما بيّنة،
فإنه بناء على المذهب الأول: تقدم بيِّنة ذي اليد على بيِّنة الآخر؛
لأنهما استويا في إقامة البيِّنة، وترجحت بينة ذي اليد لكون الشيء
المتنازع عليه معه.
أما على المذهب الثاني: فإنه لا تسمع بيّنة ذي اليد؛ لأن اليد
دليل مستقل بإثبات الحكم، فلا يصلح لترجيح بيِّنة؛ لأنها منفصلة
عن البيِّنة.