لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يجوز الترجيح بكثرة الأدلة.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: قياس الأدلة على الرواة، بيان ذلك:
أن رواية الاثنين أقرب إلى الصحة وأبعد عن السهو والغلط من
رواية الواحد؛ حيث إن الشيء عند الجماعة أحفظ منه عند الواحد،
ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "الشيطان مع الواحد،
وهو مع الاثنين أبعد "،
فيجب تقديم ما كثرت رواته، وإذا كان كذلك فإنه يجب تقديم
الحكم الذي كثرت أدلته.
الدليل الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعمل بقول ذي اليدين: "أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول اللَّه " حتى أخبره أبو بكر وبعض الصحابة.
وجه الدلالة: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجح بكثرة العدد.
الدليل الثالث: أن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - كانوا يرجحون
بكثرة العدد، من ذلك:
1 - أن أبا بكر لم يعمل بخبر المغيرة: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أطعم الجدة السدس " حتى شهد معه محمد بن مسلمة.
2 - أن عمر لم يعمل بخبر: " من استأذن ثلاثا ولم يؤذن له
فليرجع " حتى شهد مع الراوي بعض الصحابة، والأمثلة كثيرة.