القسم الثاني: أن يكون المطلوب نفي علية ما هو علَّة الحكم عند
الخصم، ويكون اللازم من القياس نفي عليه ملزوم علته.
مثاله: قول المستدل - في أن الإجارة لا تنفسخ بالموت -: إن
الموت معنى يزيل التكليف، فلا تنفسخ فيه الإجارة؛ قياساً على
الجنون، فإنه كذلك.
فيقول المعترض: أنا أقول بموجب دليلك وهو: أن الإجارة لا
تنفسخ بالموت، وإنما ينفسخ عقده فقد حدث ما يقتضي ذلك، وهو
زوال الملك، ولهذا قال العلماء: لو باع العين المستأجرة انفسخت
الإجارة.
كيف يجيب المستدل عن هذا النوع؟
يجيب بأحد طريقين:
الطريق الأول: أن يُبين المستدل لزوم حكم محل النزاع بوجود
مقتضيه مما ذكره في دليله إن أمكنه بيانه كأن يقول المستدل في المثال
السابق: يلزم من كون التفاوت في الآلة لا يمنع القصاص: وجود
مقتضى القصاص، فيقول - أي المستدل -: إذا سلمت - أيها
المعترض -: أن تفاوت الآلة لا يمنع القصاص: فالقتل المزهق هو
المقتضي، والتقدير: أنه موجود.
الطريق الثاني: أن يُبين المستدل أن النزاع إنما هو فيما يعرض له في
الدليل إما بإقرار، أو اعتراف من المعترض بذلك.
مثاله: قول المستدل: الدين لا يمنع وجوب الزكاة.
فيقول المعترض: أنا أسلم أن الدين لا يمنع الزكاة، لكن لِمَ
قلت: إن الزكاة تثبت؟