العلة إما هذا الوصف أو ذاك الوصف، أو الوصف الثالث إلى
آخر الأوصاف التي تكون محتملة للتعليل في نظر المعلل.
ولما كان المعلل سليم الحس والعقل عدلا ثقة: فإنه يحصل غلبة
الظن بانحصار صفات محل الحكم فيما ذكره من الأوصاف، ولم
يجد سواها.
ثم بعد أن يُثبت حصر الأوصاف بالطريقة السابقة يسقط بعد ذلك
بعضها عن درجة الاعتبار بدليل صالح يغلب على الظن منه عدم
صلاحية ما أسقط للتعليل به، فيلزم من ذلك انحصار التعليل فيما
استبقاه؛ بناء على قولنا: يمتنع خلو محل الحكم عن عِلَّة ظاهرة.
بيان أن هذا القسم يفيد العلية:
هذا القسم يفيد العلية؛ وهو حُجَّة للمستدل وهو المجتهد الناظر -
وهو: من بحث لنفسه، فما غلب على ظنه وجب عليه العمل به،
ولا يكون حُجَّة على الغير، وهو اختيار الآمدي، وبعض العلماء.
وهو الحق؛ لأن هذا التقسيم - وهو: المنتشر - يثير غلبة الظن
عند المجتهد، فيجب أن يتبع ما غلب على ظنه؛ لأن المجتهد مهما
غلب على ظنه شيء: فإنه يجب أن ياخذ به.
وبعض العلماء ذهبوا إلى أنه حُجَّة مطلقا للناظر، وهو المجتهد
المستدل، وللمناظر، وهو الخصم.
وبعض العلماء ذهبوا إلى أنه حُجَّة في الأحكام العملية دون العلمية.
وبعض العلماء ذهبوا إلى أنه ليس بحجة مطلقا.
وقد ذكرت هذه المذاهب مع أدلتها في كتابي " إتحاف ذوي البصائر
بشرح روضة الناظر "، فارجع إليه.