رابعا: بيان كيفية سبر الأوصاف غير الصالحة للعلية وحذفها
وإبطالها:
قلنا في تعربف السبر والتقسيم: إن المجتهد والمستدل يقوم باختيار
علَّة واحدة، ويعلل الحكم الشرعي بها، ويحذف العلل والأوصاف
غير الصالحة للعلية، ويسلك في حذف تلك الأوصاف وإبطالها
المسالك الآتية:
المسلك الأول: الإلغاء، وهو: بيان أن الحكم في الصورة
الفلانية ثابت بالوصف الذي استبقاه - فقط - دون غيره، ويتبين
بهذا أن المحذوف من الأوصاف لا أثر له في الحكم؛ لأنه لو كان
المحذوف من الأوصاف له أثر في الحكم لما جاز إثبات الحكم بدونه.
وكيفية ذلك: أن يقوم المجتهد ببيان أن الوصف الذي أبقاه للتعليل
به قد ثبت الحكم به في صورة من الصور من غير أن يقترن
بالأوصاف التي تم إلغاؤها وحذفها، وهذا يوضح أن الوصف الذي
أبقاه مستقل بالتعليل، وعند ظهور ذلك يمتنع إضافة الحكم في محل
التعليل إلى الوصف الذي تم حذفه، لأن في هذا إثباتا للحكم
بوصف لم يثبت استقلاله، وإلغاء للوصف الذي ثبت استقلاله وهو
ممتنع.
المسلك الثاني: أن يكون الوصف المحذوف قد ألف من الشارع
إلغاءه في جنس ذلك الحكم المعلل، وحيحئذ يكون إلغاؤه واجباً وإن
كان مناسبا.
فمثلاً قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه الباقي من نصيب شريكه "،
فهنا حذف العلماء وصف الذكورة وإن أمكن
تقرير مناسبة بين صفة الذكورة وسراية العتق غير أنا لما عهدنا من