مأمورون بأن نعمل به، وبذلك يكون إثبات الحدود والكفارات
بالقياس عملاً بما أمرنا به من الحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.
المذهب الثاني: لا يجوز القياس في الحدود والكفارات.
وهو مذهب الحنفية.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن الحد شرع للردع والزجر عن المعاصي،
والكفارات وضعت لتكفير المأثم، وما يقع به الردع عن المعاصي،
وما يتعلق به التكفير عن المأثم لا يعلمه إلا اللَّه تعالى، فلا يجوز
إثبات شيء من ذلك بالقياس، لأننا لا نعلم المصلحة التي من أجلها
شرعت هذه الأمور.
جوابه:
إن هذا لو كان طريقاً في نفي القياس في الحدود والكفارات:
لوجب أن يجعل مثل هذا طريقاً في نفي القياس في جميع الأحكام،
كما فعله نفاة القياس حيث قالوا: " إن الأحكام شرعت لمصلحة
المكلفين، والمصلحة لا يعلمها إلا اللَّه تعالى، فيجب أن لا يعمل
فيها بالقياس ".
ولما بطل هذا في نفي القياس في جميع الأحكام: بطل في نفي
القياس في الحدود والكفارات، فينتج جواز القياس فيها.
الدليل الثاني: أن الحدود والكفارات تشتمل على تقديرات لا
تعقل معناها بالرأي كعدد المائة في الزنا، والثمانين في القذف،
والقياس لا يصح إلا إذا عقل المعنى الذي من أجله شرع الحكم،
فلما لم نعقل ولم ندرك المعنى والعِلَّة في الحدود والكفارات