اعتراض على ذلك:

قال قائل - معترضا -: إن أردتم أن أدلة القياس تدل على جريانه

في الأحكام الشرعية عند استكماله لشروطه، فهذا مسلم، ولكن لا

نسلم إمكان حصولها في الحدود والكفارات لعدم إدراك العقل المعنى

الذي من أجله شرع هذا الحد أو تلك الكفارة.

جوابه:

إن العقل يحكم بأنه لا يمتنع عقلاً أن يشرع الشارع الحد أو الكفارة

لمعنى معين مناسب للحكم، ثم يوجد ذلك المعنى في صورة أخرى.

الدليل الثاني: أن خبر الواحد تثبت به الحدود والكفارات وإن كان

طريقه غلبة الظن، ويجوز فيه الخطأ والسهو، فكذلك يجوز أن

تثبت الحدود والكفارات بالقياس ولا فرق، والجامع: أن كلًّا منهما

يفيد الظن، ويجوز الخطأ والسهو في كل منهما.

الدليل الثالث: أن عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه - استشار

في الخمر يشربها الرجل، فقال له عليّ: " نرى أن نجلده ثمانين،

فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى "، فجلد

عمر شارب الخمر ثمانين جلدة، فهذا إلحاق شارب الخمر بالقاذف

في الحد قياسا؛ إذ ليس من قبيل الاجتهاد بالنص، ولا الإجماع،

ولا البراءة الأصلية، ولا غيرها من الأدلة سوى القياس، وشاع

وذاع، ولم ينكره أحد فكان إجماعا، فينتج من ذلك: أن القياس

يجوز في الحدود، وإذا جاز في الحدود فإنه يجوز - أيضاً - في

الكفارات؛ لأنها أحكام مقدرة من قِبَل الشارع.

الدليل الرابع: أن العمل بالقياس عمل بالظن الغالب، ونحن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015