حرَّم النظر إليها مهما كانت، دون الأمَة مهما كانت؛ لأنه يوجد
فرق، وهو: أن المقصود من الأمَة الخدمة، وهي تستوجب التعرض
للنظر، وتكون الأمَة معها مبتذلة؛ إذ لا يمكن أن تقوم بعملها تمام
القيام وهي متسترة، وليس المقصود من الأمَة التزوج والنكاح لما
يترتب عليه استرقاق الولد، ولهذا لم يجز التزوج بأمَة الغير إلا فى
حالة الضرورة القصوى، من أجل ذلك أباح النظر إليها، فلو حرم
النظر إلى الأمَة لوجد في ذلك مشقة شديدة.
أما الحرة، فبما أنها قد أعدت للتزوج بها وإنكاحها، وهي
المقصودة للنسل والذرية، فإن ذلك كان داعيا إلى المحافظة عليها،
وتكريمها وتحسينها أمام الرجال الأجانب بمنع النظر إليها؛ دفعاً للفتنة
وحفظا للأنساب.
فثبت بهذا أن بين الحرة والأمَة فرقا اقتضى اختلاف الحكم.
فبطل - بهذا - ما قاله النظام من أنهما متماثلان.
وأما قوله في الصورة السادسة: " إنه أوجب قطع يد سارق القليل
دون غاصب الكثير مع أنهما متماثلان "، فالجواب عنه: أن بين
السرقة والغصب فرقا هو: أن السرقة أخذ مال الغير خفية من حرز
مثله في وقت ليس للمال حارس، ولا مدافع، أي: أن السارق لا
يمكن الاحتراز منه؛ حيث إنه ينقب الدور، ويهتك الحرز، ويكسر
القفل، ولا يستطيع صاحب المال الاحتراز بحفظ ماله بكثر من ذلك
فلو لم يشرع قطع يده لكثرت السرقة وعظم الضرر، واشتدت المحنة
بالناس؛ حيث يجمع شخص ماله بكل مشقة، ثم يأخذه شخص
آخر بدون أدنى تعب.
أما الغاصب فإنه يأخذ المال بمرأى من الناس، وبمرأى من صاحب