فثبت بذلك أن بين الصلاة والصوم فرقا اقتضى ذلك الاختلاف في
الحكم، فبطل ما ادعاه النظام من كونهما متماثلين.
وأما قوله في الصورة الرابعة: " إنه أوجب الغسل من المني وأبطل
الصوم بإنزاله عمداً وهو طاهر، دون البول وهو نجس "، فالجواب
عنه: أن بين المني والبول فروقاً هي كما يلي:
الأول: أن المني يخرج من جميع البدن، لذلك سماه اللَّه تعالى
سلالة؛ لأنه يسيل من جميع البدن، وأما البول فهو فضيلة الطعام
والشراب المستحيلة في المعدة والمثانة، فتأثر البدن بخروج المني أعظم
من تأثره بخروج البول.
الثاني: أن الجسم كله يحصل له ارتخاء وثقل وكسل عقب خروج
المني، والاغتسال بالماء يشده ويعيد إليه قوته، أما البول إذا خرج فلا
يحدث في الجسم ذلك، فلا يحتاج إلى الاغتسال.
الثالث: أن إيجاب الغسل من المني وإبطال الصوم بإنزاله عمداً
ليس في ذلك حرج ومشقة؛ نظراً لقلة ما يقع، أما البول فإنه لو
أوجب اللَّه الغسل في كل مرة يبول فيها الإنسان لوقع الناس في حرج
ومشقة؛ نظراً لكثرة ما يقع.
فثبت أن المني يختلف عن البول فاقتضى ذلك اختلافهما في الحكم،
فبطل ما ادعاه النظام في أنهما متماثلان.
وأما قوله في الصورة الخامسة: " إنه حرم النظر إلى العجوز
الشوهاء إذا كانت حرة، وأباح النظر إلى الأمَة الحسناء "، فالجواب
عنه: أن الذي أوقع النظام في هذه الشبهة: أنه أخطأ في العِلَّة
ومقصد الشارع هنا؛ حيث توهم بأن السر؛ في ذلك الحكم هو القبح
والحسن في جزئيات النساء، وليس ذلك بصحيح، بل إن الحرة