دلَّت على العمل بالقياس على القياس الصحيح المستكمل لشروط
القياس.
الدليل التاسع: ما روي عن - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
" ما هلكت بنو إسرائيل حتى كثر فيهم المولدون: أبناء سبايا الأمم،
فأخذوا في دينهم بالمقاييس فهلكوا وأهلكوا ".
وجه الدلالة: الحديث بيق أن ذم بني إسرائيل كان بسبب القياس
الذي استعملوه في دينهم، فمن فعل مثل ما فعلوا فقد استحق الذم
من اللَّه تعالى، أي: فمن استعمل القياس في معرفة الأحكام فقد
استحق الذم، فيكون استعمال القياس مذموما.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أن الحديث لم يصح؛ لأن في سنده سويداً قال
عنه الإمام أحمد: إنه متروك الحديث، وقال الشهاب البوصيري:
إنه ضعيف، وفي سنده - أيضا - ابن أبي الرجال وهو متروك عند
النسائي، ومنكر الحديث عند البخاري، وإذا كان الحديث لم يصح
فلا يصلح للاستدلال به.
الجواب الثاني: على فرض صحة الحديث فإنه يحمل على القياس
الفاسد، وهو الذي لم يستكمل شروط القياس، أو أن القائس لم
يكن أهلاً للقياس، ويؤيد ذلك معنى الحديث؛ حيث إن معناه:
إنهم لم يعرفوا الأشباه، ولم يدركوا الإمثال ونظائرها، بل قاسوا
بالهوى والتعصب كما فعلوا في الشحوم حين حرمها الله عليهم،
فجملوها وباعوها، وما هذا إلا ضلال لا يقول به عاقل.