جعل بهذا التعليل سريان حكمه في المسكوت عنه، فكان المسكوت
عنه محكوماً فيه معنى بحكم اللَّه.
ثانيهما: أن دخول الواقعة في التحريم أو الإيجاب كما يعرف
بدلالة اللفظ يعرف - أيضا - بالدلائل العامة التي تبينها مقاصد
الشريعة في جملة نصوصها، وعامة أحوالها.
الدليل الثامن: ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
" تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيُحلون الحرام، ويحرمون الحلال ".
وجه الدلالة: أن الحديث ظاهر في ذم من يقيس الأمور برأيه،
بل جعل القائلين بالقياس والعاملين به خطراً على الأُمَّة، وأنهم
يسببون الفتنة التي ذمَّها اللَّه، وهذا يبطل القياس.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أن الحديث ضعيف، حيث قال يحمص بن معين:
إن هذا الحديث ليس له أصل، والحديث الضعيف لا يصلح
للاستدلال به.
الجواب الثاني: على فرض صحة الحديث، لكنه معارض
بالأحاديث التي دئَت على حجية القياس - وهي التي ذكرناها فيما
سبق - فيجب - حينئذٍ - الجمع بينها، ووجه الجمع: أن نحمل
هذا الحديث على القياس الفاسد، وهو الذي لم يستكمل شروط
القياس، وأن القائس ليس أهلاً للاجتهاد، ويؤيد ذلك قوله فيه:
"فيحملون الحرام، ويحرمون الحلال "، ونحمل الأحاديث التي