لم يستجمع شروط القياس، وتحمل الأحاديث الدالة على جواز القياس
على القياس الصحيح، وهو المستجمع لشروط القياس، وعلى هذا
فإنه يعمل بالدليلين.
الدليل السابع: ما روي عن - صلى الله عليه وسلم -:
"الحلال ما أحلَّ اللَّه والحرام ما حرَّم اللَّه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ".
وجه الدلالة: أن الحديث قد بين أقساما ثلاثة هي: " حلال "،
و" حرام "، و " مسكوت عنه لا يلحق بالحرام ولا بالحلال "، فلو
قلتم بالقياس فإما أن تلحقوا المسكوت عنه بالحرام، فيكون حراما
بعد أن كان مباحاً، وهذا تحريم لما أحله اللَّه بالسكوت عنه.
وإما أن تلحقوا المسكوت عنه بالواجب، ويكون تاركه آثما بعد
أن كان مباحاً، وعليه: فالقياس يؤدي إلى تحريم الحلال وإيجاب
المباح، وهذا خلاف ما دلَّ عليه الحديث والشرع كله، فيكون
القياس باطلاً، لأنه يؤدي إلى باطل.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أن الحديث ضعيف، حيث إن من رواته سيف
ابن هارون البرجمي، ضعَّفه النسائي والدارقطني، كما نقله الذهبي،
والحديث الضعيف لا يصلح للاستدلال به على شيء.
الجواب الثاني: على فرض صحة الحديث فإنا لا نُسَلِّمُ أن ما ثبت
حكمه عن طريق القياس مسكوت عنه، فيكون معفواً عنه، وإنما هو
داخل فيما حرَّمه اللَّه، أو أوجبه؛ لأمرين:
أولهما: أن الشارع لما علل الحكم في المنصوص على حكمه