الثالث: وإما أن يعمل بالاحتمال المرجوح فقط ويترك العمل بما

غلب على ظنه.

الرابع: وإما أن يعمل بما غلب على ظنه فقط ويترك العمل

بالاحتمال المرجوح.

وكلها باطلة إلا الرابع، بيان ذلك:

أما الأول - وهو: العمل بهما معاً - فهو محال؛ لأنه جمع بين

متناقضين، والجمع بين المتناقضين محال.

أما الثاني - وهو: ترك العمل بهما معا - فهو محال - أيضا -؛

لأنه رفع للنقيضين معاً، وخلو الشيء عن النقيضين محال.

أما الثالث - وهو: العمل بالاحتمال بالمرجوح، وترك العمل

بالظن الراجح - فهو خلاف المشروع والمعقول؛ لأنه عمل بالضعيف

وترك للعمل بالقوي، وهذا لا يجوز شرعا ولا عقلاً.

فلم يبق إلا الرابع، وهو العمل بالظن الراجح، والعمل

بالراجح متعين؛ لأنه ثبت بعد استقراء أمور الشرع الجزئية والكلية أن

الظن الراجح يجب العمل به، وهذا ما يفيده القياس، فكان العمل

في قتضى القياس واجباً وهو المطلوب.

هذا ما صح عندنا من الأدلة على حجية القياس، وأنه دليل من

الأدلة الشرعية المعتمدة.

المذهب الثاني: أن القياس ليس بحُجَّة، ولا يجوز التعبد به عقلاً

ولا شرعا، أي: أن القياس لا يعتبر دليلاً من الأدلة الشرعية.

وأصحاب هذا المذهب افترقوا إلى فريقين:

الفريق الأول: أنكروه شرعا، أي: أن الأدلة الشرعية دلَّت على

أن القياس ليس بحُجَّة وهم الظاهرية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015