الفريق الثاني: أنكروه عقلاً، أي: أن معقول الشرع دلَّ على أن
القياس ليس بحجة، وهم النظام ومن تبعه.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) .
وجه الدلالة: أن الآية أفادت نهي المؤمنين عن التقدم على الله
وعلى رسوله بأي قول أو فعل، والقول بالقياس تقدم على الله
ورسوله؛ لأنه حكم بغير قولهما، فيكون منهيا عنه.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أن الآية لا تمنع من العمل بالقياس، بل ربما
أوجبت العمل به؛ لأنها نهت عن العمل بغير كتاب اللَّه وسُنَّة
رسوله، والعمل بالقياس عمل بكتاب اللَّه وسُنَّة رسوله من وجهين:
الوجه الأول: أن من شروط الأصل - كما سيأتي إن شاء الله -:
أن يكون ثابتا بكتاب أو سُنَّة، فلا يقاس إلا على ما ثبت بهما
واختلف في القياس على المجمع عليه، فيكون العمل بالقياس عمل
بالكتاب والسُّنَّة.
الوجه الثاني: أن الكتاب والسُّنَّة قد ورد فيهما الأمر بالقياس في
آيات وأحاديث كثيرة ذكرناها سابقا في أدلتنا على حجية القياس،
فيكون العمل بالقياس عملاً بالكتاب والسُّنَّة.
الجواب الثاني: أن عملنا بالقياس ليس فيه تقديم على الكتاب