جوابه:
إنه إذا جاز للنبي - صلى الله عليه وسلم - الاجتهاد، فإنه يجوز لغيره من العلماء إذا فهموا المعنى الذي من أجله شرع الحكم المقاس عليه، ثم إن الخطأ
من المجتهد يؤجر عليه بأجر واحد.
الدليل الحادي عشر: ما روي أن عمر بن الخطاب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قُبْلة الصائم فقال: " أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته؟ "
قلت: لا بأس بذلك، فقاق الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ففيم؟ ".
وجه الاستدلال: أن هذا تنبيه على إلحاق القُبْلة بالمضمضة في عدم
الإفطار، والجامع: أن كلًّا منهما مقدمة لما يفطر، ولكنه لا يفطر،
فالمضمضة مقدمة للشرب، والقُبْلة مقدمة للإنزال، فتبين أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قد استعمل القياس، وذلك يوجب كون القياس حُجَّة.
ما اعترض به على هذا الدليل:
الاعتراض الأول: أن هذا من أقيسة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا يدخل في محل النزاع؛ للاتفاق على جوازه.
جوابه:
إذا جاز له - صلى الله عليه وسلم - أن يقيس، فإنه يجوز لغيره،
والجامع: فهم المعنى الذي من أجله شرع الحكم.
الاعتراض الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر المضمضة - هنا - تقريبا لفهم عمر؛ لا لأجل قياس القُبْلة عليها.
جوابه:
إن المسألة في الحديث ليست من الأمور الصعبة التي تحتاج إلى تقريب
لفهمه، فلو لم يكن المقصود من ذكر المضمضة التنبيه على أصل القياس
لما كان لذكره فائدة، بل يكفي أن يقول: لا، القُبْلة لا تفطر.