الاعتراض السادس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أقر لمعاذ العمل به، فما المانع من أن يكون خصوصية له رضي اللَّه عنه.
جوابه:
إن الأصل: أن يكون عاما غير مختص بمعاذ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة "،
فلا يختص بمعاذ إلا بدليل، ولا دليل صحيح عندنا،
فيبقى العام على عمومه.
الاعتراض السابع: أن الحديث خبر آحاد، فلا يفيد إلا الظن،
والظن لا يكتفى به على إثبات قاعدة أصولية كالقياس.
جوابه:
أن القاعدة الأصولية إذا كانت وسيلة إلى العمل، فإنها تثبت
بالظن؛ قياساً على الفروع - كما قلنا ذلك فيما سبق أكثر من مرة -
هذا الدليل الثامن من الأدلة على أن القياس حُجَّة.
الدليل التاسع: قوله - صلى الله عليه وسلم -:
" لعن اللَّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها ".
وجه الدلالة: أنه - صلى الله عليه وسلم - حكم بتحريم أثمان الشحوم، قياساً على أكلها المحرم بالنص.
الدليل العاشر: قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"إنما أقضي بينكم برأي فيما لم ينزل علي فيه شيء".
وجه الدلالة: أنه دلَّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - يقضي برأيه، والقياس نوع من أنواع الرأي، فيكون حُجَّة.
اعتراض على هذا:
أن هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث إن اللَّه سبحانه يخطأه إذا أخطأ، بخلاف غيره من العلماء، وعليه فيجوز له الاجتهاد دون غيره.