قبل نزول قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ، فإن هذه الآية أفادت إكمال

الدين وتمامه، فيكون القياس قبل نزول هذه الآية حُجَّة؛ لكون

النصوص غير وافية لجميع الأحكام، أما بعد إكمال الدين والتنصيص

على جميع الأحكام، فلا يكون القياس حُجَّة؛ لعدم الحاجة إليه.

جوابه:

إن هذه الآية إنما تدل على كمال الدين من حيث أصوله، دون

فروعه؛ لأن الواقع أن النصوص لم تتناول جميع الفروع؛ لعدم

تناهيها، وبذلك تكون الحاجة ماسة إلى القياس لإثبات أحكام بعض

الفروع التي لم ينص على حكمها، فيكون القياس حُجَّة.

الاعتراض الخامس: أن معاذاً إنما قال: " أجتهد رأيي "، ولم

يقل أقيس، والاجتهاد كما يكون في القياس فكذلك يكون في تحقيق

المناط، فترجيح أن المراد بالاجتهاد هو القياس ترجيح بلا مرجح.

جوابه:

يجاب عنه بجوابين:

الجواب الأول: أنه قال: " أجتهد "، والاجتهاد عام وشامل

للقياس وغيره، فيكون - على هذا - القياس أحد جزئيات الاجتهاد

فيدخل، بل القياس هو أعلى مراتب الاجتهاد، فدخوله أوْلى من

دخول غيره.

الجواب الثاني: أنه يوجد دليل يجعلنا نرجح أن المراد بذلك

القياس وهو: أن معاذاً ذكر الاجتهاد بعد النص من الكتاب والسُّنَّة،

أي: أنه يجتهد فيما لا نص فيه، أما تحقيق المناط فمعروف أنه يعتمد

على النص.

-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015