الجواب الثاني: نسلم لكم صحة هذه الزيادة، ولكن يمكن الجمع
بينها وبين روايتتا لأن نقول: إنه تحمل هذه الزيادة والرواية التي
ذكرتموها على ما إذا اتسمع الوقت للواقعة التي نزلت؛ حيث يمكن
الصبر حتى يكاتب - صلى الله عليه وسلم - وهو في المدينة.
أما روايتنا فإنا نحملها على ما إذا ضاق الوقت، بحيث لا يمكن
الصبر في معرفة حكم اللَّه فيها على ذهاب الكتاب إلى المدينة ورده.
الاعتراض الثالث: أن هذا الحديث مناقض لقوله تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) ، وقوله: (وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) ،
حيث قال النبي لمجيم لمعاذ: " إذا لم تجد الحكم في الكتاب ... "
يقتضي هذا أن الكتاب لم يشتمل على جميع الأحكام.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: لا نُسَلِّمُ أن المقصود بالكتاب في الآيتين هو القرآن
الكريم، بل هو اللوح المحفوظ، فلا تناقض.
الجواب الثاني: سلمنا أن المراد به: القرآن الكريم، فلا يمكن أن
يفهم أحد اشتمال القرآن على جميع الأحكام؛ لأن ظاهر القرآن
يخلو من دقائق الحساب، وتفاريع الحيض، والوصايا، وأحكام
السائل التي اختلف فيها الصحابة كمسألة الجد والإخوة، والتحريم،
والخلع، وغير ذلك، فيتعين أن يكون المراد اشتماله عليها ابتداء،
وهذا لا يناقض العمل بالقياس؛ لأنه لما أمر اللَّه بالقياس بقوله تعالى:
(فاعتبروا) كان ما يستفاد منه مما اشتمل عليه بالواسطة.
الاعتراض الرابع: أن تصويب النبي - صلى الله عليه وسلم -
لمعاذ العمل بالقياس كان