سكوتي -، والإجماع السكوتي لا يفيد إلا الظن، ومسألتنا قطعية؛
حيث إنها قاعدة أصولية، والقطعي لا يستفاد من دليل ظني.
جوابه:
أنا لا نُسَلِّمُ أنها قطعية، بل هي ظنية عندنا؛ لأن هذه المسألة
عملية، والظن قائم مقام العلم في وجوب العمل بدليل: أنه لا
فرق بين أن يعلم بالمشاهدة وجود الغيم الرطب المنذر بنزول المطر
الذي يجب التحرز منه، وبين أن يخبر بوجود مثل هذا الغيم مخبر
لمن لا يمكنه مشاهدة الغيم في أنه يلزمه التحرز منه، فكذا هاهنا لا
فرق بين أن يتواتر النقل من الشرع في أنا مأمورون بالقياس، وبين أن
يخبرنا به من يظن صدقه في وجوب العمل بالقياس، وإن لم نعلم
صدق المخبر بذلك.
هذا هو الدليل الأول من أدلة الجمهور على حجية القياس.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) .
وجه الدلالة من هذه الآية على أن القياس حُجَّة من طريقين:
الطريق الأول: أن الاعتبار عند أهل اللغة هو تمثيل الشيء بغيره،
وإجراء حكمه عليه، ومساواته به.
والله أمر بالاعتبار في قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا ... ) ، فيكون
اللآصياس على هذا مأمور به، فيكون تقدير الآية: " اعلموا أنكم إذا
صرتم إلى الخلاف والشقاق ساوت حالكم حال بني النضير،
واستحققتم من العقاب مثل الذي استحقوه، واللفظ عام في الاعتبار
فوجب حمله على عمومه، والأمر بكل اعتبار إلا ما خصه الدليل،
وإن كان السبب الذي ورد فيه من الأخبار عن بني النضير خاصاً ".