الاعتراض الثالث: سلمنا أن الصحابة أجمعوا على العمل بجميع

أنواع القياس، فما المانع من أن يكون خاصا بهم: فلا يلزم من

جواز العمل بالقياس للصحابة جوازه لمن بعدهم؛ لأن هناك فرقا بين

الصحابة وغيرهم؛ ووجه الفرق:

أن الصحابة شاهدوا الوحي والتنزيل، وكان معروفا منهم شدة

اليقين والصلابة في الدين، وكثرة التحفظ، وبذل النفس والنفيس،

وترك الأهل والأوطان في سبيل نصرة دين اللَّه وإقامته، وقد ورد في

حقهم من الفضل والثناء في القرآن والسُّنَّة ما لم يرد في حق غيرهم.

جوابه:

يجاب عنه بجوابين:

الجواب الأول: أنه كما أن الكتاب والسُنَّة يحتج بهما كل شخص

توفرت فيه شروط الاجتهاد على إثبات الأحكام الشرعية في كل

زمان، ولا فرق في ذلك بين فرد وفرد وشخص وشخص، فكذلك

القياس يحتج به كل شخص؛ لأنه لا قائل بالفرق بين الأزمان ولا

بين الأشخاص من حيث الحجج الشرعية.

الجواب الثاني: أن هذا الاعتراض مخالف للإجماع؛ وما خالف

الإجماع فهو ساقط لا يعتد به، بيان ذلك:

أن الناس افترقوا - بالنسبة للقياس - إلى فريقين فقط: فريق قائل

بان القياس حُجَّة بالنسبة إلى جميع الأُمَّة، وفريق آخر قائل بأن

القياس ليس بحُجَّة بالنسبة إلى جميع الأمَّة، فاتفق الفريقان على نفي

التفصيل، فيكون القول بالتفصيل خرقا لهذا الإجماع.

الاعتراض الرابع: سلمنا أن إجماع الصحابة حُجَّة، ولكنه إجماع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015